❗❓
📝إستعجال موت المريض طلبا لراحته❗
الفتوى رقم ( 19165 )
🔴السؤال :
أستفتيكم بإذن الله في موضوع قد عرض لي في برنامج طبي كنت أستمع إليه ،
وهو : هل يجوز للمريض الذي لا يرجى أمل في شفائه أن يطلب الموت ،
وهل يلبى طلبه تخفيفا من الألم الذي يتعرض له ؟
وقد قال المتحدث :
إن مريض السرطان مثلا الذي لا يرجى شفاؤه من الأفضل له أن يموت ،
فهل يجوز أن يُلبى طلب المريض ونقتله تخفيفا من ألمه وعذابه المستمر ؟
وقد تكلم المتحدث عن كتاب يسمى : (الحقوق) ،
فقال : إن من حق الإنسان أن يحدد متى تنتهي حياته إذا كان في حياته تعذيب وألم له ولغيره ، فما رأي الدين في هذا الأمر ؟ جزاكم الله خيرا .
🔵الجواب :
يحرم على المريض أن يستعجل موته سواء بطريق الانتحار أو بتعاطي أدوية لقتل نفسه ،
كما يحرم على الطبيب أو الممرض أو غيره أن يلبيَ طلبه ، ولو كان مرضه لا يرجى برؤه ،
ومن أعانه على ذلك فقد اشترك معه في الإثم ؛
لأنه تسبـب في قتل نفس معصومة عمدا بلا حق ،
وقد دلت النصوص الصريحة على تحريم قتل النفس بغير حـق ،
قـال الله تعالى :
{{ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ }}،
(الجزء رقم : 25، الصفحة رقم: 86)
وقـال تعـالى :
{{ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا }}،
وثبت عنهﷺ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول اللهﷺ : (( من قتل نفسه بحديدة فحديدته بيده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا )) متفق عليه .
وعن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - قال : قال رسول اللهﷺ :(( من قتل نفسه بشيء عُذب به يوم القيامة )) رواه الجماعة ،
وعن جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال : قال رسول اللهﷺ: (( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع
(الجزء رقم : 25، الصفحة رقم: 87)
فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات ، قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة )) متفق عليه ،
وهذا لفظ البخاري .
ولهذا نهى النبيﷺ أن يتمنى الإنسان الموت لضر أصابه ،
في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول اللهﷺ : (( لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه ، فإن كان لا بد فاعلا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي )) أخرجه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ البخـاري ،
وأخرج البخاري أيضا بلفظ آخر من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول اللهﷺ يقول :(( لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب )).
فإذا كان الإنسان منهيا عن مجرد تمني الموت وسؤال الله ذلك ، فإن إقدام الإنسان على قتل نفسه أو المشاركة في ذلك تعد لحـدود الله وانتهاك لحرماته ؛ لأن فعل ذلك ينافي الصبر على أقدار الله ، وفيه(الجزء رقم : 25، الصفحة رقم: 88)اعتراض على قضاء الله وقدره ، وجزع من ذلك الذي اقتضت حكمته أن يبتلي عباده بالخير والشر امتحانا واختبارا لعباده ،
قـال تعالى :{{ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ }}
وقد يبتلي الله بعض عباده بالمرض ، وهو الحكيم فيما يفعل ، العليم بما يصلح عباده ،
ويكون في ذلك خـير له وزيادة في حسناته وقوة في إيمانه ، وقـرب من الله سبحانه باستكانته وتضرعه وخضوعه لله سبحانه وتوكله عليه ودعائه له ، فينبغي للإنسان إذا أصيب بأحد الأمراض :
أن يحتسب الأجر في ذلك ويصبر على ما أصابه من البلاء ، فـإن من أنواع الصبر ، الصبر على البلاء حتى يفوز برضا الله سبحانه عنه ، وزيادة حسناته ورفـع درجاته في الآخرة ،
ويـدل لذلك ما رواه صهيب رضي الله عنه قال : قال رسول اللهﷺ : (( عجبت من أمر المؤمن ، إن أمر المؤمن كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان ذلك له خير ، وإن أصابته ضراء فصبر فكان ذلك له خير )) . أخرجـه الإمام مسلم في (صحيحه) ، والإمام أحمد في (المسند) ، وهذا لفظ الإمام أحمد .
وقولـه تعـالى : {{ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ }}
(الجزء رقم : 25، الصفحة رقم: 89)
وقوله تعـالى : {{ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }}
وقوله تعالى : {{ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ }}
إلى قولـه تعـالى : {{ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }}
وما رواه أنس رضي الله عنه قـال : قـال رسول اللهﷺ: (( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط )) أخرجـه الإمـام الترمذي في